التعليم عن بعد: تجربة بيداغوجية و تربوية حديثة - ذ.عبد اللطيف الكيحل


التعليم عن بعد: تجربة بيداغوجية و تربوية حديثة - ذ.عبد اللطيف الكيحل



  يعد التعليم عن بعد l’enseignement à distance  احدى طرق التعليم الحديثة نسبيا وهو يعتمد من حيث المبدأ على تواجد كلا من المدرس و المتعلم في أماكن مختلفة عكس التعليم الحضوري الذي يستلزم تواجد الطرفين داخل فضاء موحد(قاعة الدرس).

 بدأ هذا النوع من التعليم في القرن التاسع عشر وتطور تدريجيا مع تطور وسائل الاتصال الحديثة وكذا ادماج التكنولوجيا في التعليم؛ فأصبحت بعض المؤسسات التعليمية عبر العالم تعتمد على المحاضرات المرئية والدروس المصورة بالإضافة الى الدروس التي تقدم عن بعد من خلال ما يسمى بالأقسام الافتراضية ؛الامكانية التي تتيحها بعض التطبيقات و المواقع التعليمية المبرمجة خصيصا لهذه العملية.

 في هذا الإطار؛ أصبح الحديث أيضا عن استراتيجية الصف المعكوس la classe inersée كإحدى الطرق التعليمية الحديثة والتي تقتضي متابعة  المتعلم لدروسه عن بعد من خلال وسائل التواصل المتاحة ثم يأتي الى الفصل من أجل التطبيق/التقويم عكس العملية التعليمية التقليدية التي تستدعي حضور المتعلم داخل قاعة الدرس وانجاز التمارين التطبيقية و الداعمة في المنزل.

 في المغرب، بعد انتقال الفيروس التاجي كوفيد 19- من وباء ظهر في بدايته بمدينة ووهان الصينية الى جائحة (كما صنفته منظمة الصحة العالمية) وبعد اعلان حالة الطوارئ الصحية، قررت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي تعليق الدروس الحضورية ابتداء من  16 مارس 2020 و استكمال ما تبقى من الدروس باعتماد التعليم عن بعد؛ هذا الحل لم يكن اختياريا بل اجراء فرضته الظروف الراهنة.

 في بداية التنزيل الفعلي لهذا الاجراء الجديد لاقى نوعا من التهكم و السخرية تارة والاستغراب تارة أخرى بسبب عدم استيعاب الفكرة جيدا والتمهيد لها بالشكل المناسب من جهة و نظرا لضعف الوسائل والامكانيات من جهة ثانية.

 لكن سرعان ما تأقلم المجتمع مع هذه الطريقة الحديثة في التعليم رغم قلة الامكانيات باعتبارها اجراء لا مناص منه في ظل الحجر الصحي ومن أجل استكمال الدروس تنفيذا لمقتضيات الاستمرارية البيداغوجية.

 مع كل ذلك؛ لا شيء يمكنه أن يعوض الدروس الحضورية، لكن يمكن تطوير التعليم عن بعد بتوفير الأرضية المواتية من خلال المزيد من التعبئة و التحسيس بالإضافة الى تطوير الوسائل التكنولوجيا المعتمدة في هذا الباب دون اغفال جانب مهم يتعلق بتأهيل و مواكبة الأطر التعليمية تكوينا و تأطيرا؛ مما يجعل امكانية الادماج التدريجي لهذا النمط التعليمي متاحة بشكل جيد واعتمادها أكثر سلاسة و مرونة.

من إعداد: ذ.عبد اللطيف الكيحل

أحدث أقدم