المحاسبة المادية بمؤسسات التربية و التكوين
عبد الله إكنماس
مفتش المصالح المادية و المالية
مقدمة: انطلاقا من الأهمية البالغة التي تكتسيها المحاسبة المادية في توفير ظروف ووسائل الاشتغال وكذا الحفاظ على ممتلكات المؤسسة وترشيد استعمالها فقد لوحظ أنها لا تحضى بالاهتمام الكافي و لا يتم احترام النصوص المنظمة لها بالمؤسسات التعليمية ولهذا ارتأينا أن نخصصها بالدراسة في هذا التقرير .
من الظواهر الملفتة للنظر بالمؤسسات التعليمية ظاهرة عدم الاهتمام بالمحاسبة المادية رغم مالها من أهمية بالغة في التدبير المالي و المادي ، ورغم تنبيه العديد من النصوص لهذه الظاهرة خاصة المذكرة 85 بتاريخ 5ماي 1993 حيث أشارت إلى أن المحاسبة المادية بالمؤسسات التعليمية تشكو من نقص كبير في ضبطها سواء تعلق الأمر بالأقسام الداخلية أو الخارجية و اتخد العديد من المدبرين الشروع بالعمل بالنظام الأكاديمي سنة 2002 وما رافقه من طرق اعتماد الخوالة و الصفقات كطرق للصرف دريعة للتخلي نهائيا على هذا النوع من المحاسبة ; ولمقاربة هذه الظاهرة سنحاول من خلال هذه الورقة تناول النقط التالية:
1. تعريف الحاسبة المادية
2. أهم النصوص المنظمة لمحاسبة المادية عموما وبالمؤسسات التعليمية على الخصوص
3. أهداف المحاسبة المادية
4. المتدخلون في المحاسبة المادية
5. الوثائق والسجلات المعتمدة لمسك المحاسبة المادية
6. بعض اسباب عدم مسك المحاسبة المادية
7. اقتراحات
خاتمة
1. تعريف المحاسبة المادية:
حثت العديد من النصوص على ضرورة مسك محاسبة مادية لكل المواد و الأدوات و التجهيزات التي تصل إلى المؤسسات وعلى رأسها المرسوم الملكي 330/66 بتاريخ 21 أبريل 1967 بمثابة النظام العام للمحاسبة العمومية ففي الفصل 58 جاء ما يلي:" تهدف محاسبة المواد و القيم و السندات إلى بيان العمليات المتعلقة بما يأتي : البضائع المدخرة و الأدوات و الفضالات و المنتوجات غير التامة الصنع و التامة الصنع و اللفائف التجارية و الأدوات و الأشياء المنقولة..." وعليه فالمحاسبة المادية هي مجموع العمليات المتعلقة بتدبير الممتلكات التابتة و المنقولة مع مسك السجلات و الوثائق المتعلقة بذلك من أجل ضبط الاستلام و الاستهلاك و الاستعمال.
وجاء في المرسوم رقم 2.09.608 المعدل و المتمم للمرسوم المحاسبة العمومية السالف الذكر و الذي بموجبه تم نسخ المادة 58 المشار إليها أعلاه وصنف المحاسبة المادية في مادته 58 كـــجزء من المحاسبةالعامة يبين حركات الممتلكات وقيم الاستغلال ، وكمعطيات تعتبر عنصرا أساسيا لمسك محاسبة تحليلية سليمة تمكن من "حساب أثمان التكلفة وكلفة المصالح و مرد وديتها عند الاقتضاء". وهي بهذا التصنيف أصبحت جزءا من المحاسبة الهادفة إلى " بيان ومراقبة العمليات المتعلقة بالميزانية و المالية وكذا إلى إخبار سلطات المراقبة والتسيير " حسب منطوق المادة 55 من نفس المرسوم.
يستخلص من هذه التعريفات أن المحاسبة المادية هي مكون أساسي من محاسبة الدولة وأن كل عيب شاب مسكها يؤثر على الصورة الوفية المفروض من المحاسبة إعطاؤها، كما يؤثر على الدقة في تحديد الكلفة وفي تحديد الحاجيات بشكل عام . ومن التعريفات الجامعة ما جاءت به المذكرة الوزارية 1008 بتاريخ 30/08/1966 في فقرتها الأخيرة حيث حددت مجالات المحاسبة المادية بالمؤسسات التعليمية في:
- تدبير البنايات الممتلكات غير المنقولة والحفاظ عليها وترشيد استعمالها واستغلالها ،
- الاستقبال والمحافظة و الاستعمال والصيانة لمختلف التجهيزات و العتاد المسجل بالجرد.
- الاستقبال والمحافظة و الاستهلاك و التجديد للسلع والمواد التي تكون الخزين وغير خاضعة للجرد والأدوات الصغيرة التي لا تخضع للجرد حسب المذكرة الوزارية 85 بتاريخ 5 ماي 1993 بشأن المحاسبة المادية
ويمكن تعريف المحاسبة المادية كذلك بأنها "مجموعة من القواعد التنظيمية التي تحكم مجال التدبير المادي لمختلف الممتلكات المنقولة سواء منها القابلة للاستهلاك أو غير القابلة لذلك ، والتي تهدف إلى مساعدة المسؤولين على وضع تقديرات وفق أسس علمية دقيقة للإمكانات المتوفرة وللحاجيات المادية للمؤسسات التي يشرفون على تسييرها "
2. النصوص المنظمة لمحاسبة المادية:
شكلت المحاسبة المادية موضوع العديد من النصوص القانونية إما جزئيا أو كليا وحثت على ضرورة مسك محاسبة مادية لكل المواد و الأدوات و التجهيزات التي تصل إلى المؤسسات وصنفتها حسب طبيعتها وقيمتها كما حددت طرق مسكها و الوثائق المعتمدة في ذلك فضلا عن تحديد المتدخلين فيها ومهام كل منهم ...وكان على رأس هذه النصوص :
- المرسوم الملكي 330/66 بتاريخ 21 أبريل 1967 بمثابة النظام العام للمحاسبة العمومية
- المرسوم رقم 2.09.608 المؤرخ في 27 يناير 2010 بتغيير وتتميم المرسوم الملكي 66.330 بسن نظام عام للمحاسبة العمومية.
كما صدرت العديد من النصوص الخاصة بقطاع التربية الوطنية تنظم المحاسبة المادية وتحدد بعض السجلات و الوثائق المخصصة لمسك هذه المحاسبة سواء تعلق الأمر بالأقسام الداخلية أو الخارجية ونذكر منها المذكرات التالية:
- المذكرة رقم 009 بتاريخ22 أبريل 1971 بشأن محاسبة الأقسام الداخلية
- المذكرة رقم 690 بتاريخ 15/06/1951 الجرد و الحافظة على الممتلكات التابعة للدولة
- المذكرة رقم 2050 بتاريخ 16/11/1953
- المذكرة رقم 22/402 بتاريخ24/07/1961
- المذكرة رقم 196 بتاريخ : 10/10/1961
- المذكرة رقم 1123 بتاريخ 26/10/1967 إدارة المؤسسات التعليمية
- المذكرة رقم 85 بتاريخ 05 ماي 1993 المحاسبة المادية بالمؤسسات التعليمية
- المذكرة رقم 26بتاريخ 11فبراير 1992 بشأن الخزانة المدرسية
- المذكرة الوزارية رقم 156 بتاريخ 17نونبر 2011 بشأن المكتبات المدرسية ونظام الإعارة
- المذكرة الوزارية رقم 155 بتاريخ 17 نونبر 2011 بشأن تفعيل أدوار الحياة المدرسية
3. أهداف المحاسبة المادية:
- ضمان حسن التدبير
- وضع تقديرات سليمة واقعية لأقتناء المواد الملائمة للحاجيات
- تمكين المؤسسات من تتبع استهلاك مختلف المواد
- ترشيد وعقلنة الاستهلاك.
- الإحصاء والمراقبة .
- تتبع وضعية الاداءات وضبط ديون المؤسسة(بطاقات المزودين)
4. المتدخلون في المحاسبة المادية
4. 1- رئيس المؤسسة: يعتبر رئيس المؤسسة من أهم المتدخلين في المحاسبة المادية بالمؤسسة التعليمية بحكم المهام المنوطة به بمقتضى العديد من النصوص القانونية و التنظيمية ومن بينها العمل على "ضمان حسن سير الدراسة و النظام في المؤسسة وتوفير شروط الصحة و السلامة للأشخاص و الممتلكات "(النظام الاساسي لمؤسسات التربية و التكوين 2002) كما يعتبر "المسؤول الأول عن كل ما يجري بالمؤسسة التي وكل إليها أمر تسييرها في المجالات التربوية و الإدارية و الاقتصادية " (المذكرة 129- 1987) وقبل ذلك نصت المذكرة 1123 على درو رئيس المؤسسة في المحاسبة المادية كمراقبة الخزين بانتظام وتتبع العمليات بمختلف السجلات وتتبع حركية المواد و جرد الأدوات ومراقبة السجلات المنوطة بمختلف الموظفين كالمحضرين و القيمين على الخزانات ورؤساء الاشغال ...
وعليه مسك محاسبة مادية سليمة وناجعة يقتضي القيام بإجراءات تدبيرية منها :
- تحسيس التلاميذ والاباء و العاملين بالمؤسسة بأهمية التجهيزات والممتلكات
- حث الاساتذة و الاداريين على تحمل مسؤولياتهم في هذا المجال
- العمل على ضمان شروط حفظ وتخزين التجهيزات و المواد في اماكن تتوفر فيها السلامة من السرقات و الاتلافات و الحرائق ...- الحرص على احترام التخصيص الوظيفي لمختلف المواد و التجهيزات .
- الحرص على تفعيل مقتضيات النظام الداخلي ودليل الحياة المدرسية وتطبيق النصوص الصادرة في شأن المحاسبة المادية.
2.4- رئيس المصالح المادية و المالية: عديدة هي النصوص التي تبين دور مسير المصالح المادية و المالية في مسك المحاسبة المادية و المالية فحسب النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية لسنة 2003 يقوم الممونون ...بالتدبير المالي و المادي و المحاسباتي لمؤسسات التعليم....كما أكدت الدورية 2050على أن المسير هو المسؤول عن ضبط المحاسبة المادية وحفظ وتدبير ممتلكات المؤسسة ويسهر على استقبال و حفظ واستعمال و اقتناء المواد و التجهيزات و تحت إشرافه تتم مسؤولية تدبير شؤون الخزانة و الأدوات التعليمية و الآلات والتجهيزات التي يتحملها الناظر و الأساتذة ورؤساء الأشغال و الإداريون الذين سلمت لهم.ونصت المذكرة 85 بدورها على أن مسير المصالح المادية و المالية يجب أن يقوم بمسك محاسبة مادية لجميع المواد القابلة منها للاستهلاك أو غيرها.
3.4- الناظر: يعتبر الناظر من المتدخلين في المحاسبة المادية باعتباره مديرا للدروس ونائبا عن رئيس المؤسسة أثناء غيابه ومن مهامه في هذا الشأن:
- تتبع حالة جميع التجهيزات و الأدوات التي يتم تسلمها من طرف الأساتذة المنسقين.
- استقبال طلبات وحاجيات الأساتذة ومنسقي المواد من أدوات ووسائل الإيضاح و الوسائل التعليمية خاصة بالمختبرات ويبدي رأيه فيها.
- تتبع و مراقبة حالة و نوعية الكتب و المجلات التي تروج داخل المؤسسة...
4.4- رئيس الأشغال: يعتبر المسؤول عن المعامل بالمؤسسات التقنية وتناط به مهمة تدبير التجهيزات و المعدات و الأدوات وضبط وترشيد استعمالها واستهلاكها فضلا عن اقتراح اقتناء وتجديد الحاجيات المتلاشية.وقد نصت المادة 14 من النظام الأساسي لمؤسسات التربية و التكوين 2002 على أن رئيس الأشغال يقوم ب"تنظيم مختلف أجنحة المشاغل و المختبرات وترتيب المعدات و المواد الأولية المستعملة بها وترشيد استغلالها و العمل على صيانتها ...اقتراح اقتناء وتجديد المعدات الخاصة بالتعليم التقني"
5.4- الحراس العامون:
سواء تعلق الامر بالحراس العامون للخارجية أو الداخلية فإنهم يعتبرون من المتدخلين المهمين في المحاسبة المادية بالمؤسسات التعليمية ومن مهامهم في هذا المجال:
- الحفاظ على انضباط التلاميذ وتوعيتهم وترشيدهم الى الاستهلاك الأمثل للماء و الكهرباء و استعمال مرافق المؤسسة و الحفاظ على التجهيزات و الوسائل التي توضع رهن إشارتهم في الدروس التطبيقية و في الداخليات و المطاعم المدرسية ،كما يقوم الحراس العامون بالتحريات لتحديد المتسببين في الاتلافات وتحرير التقارير والمحاضر الخاصة بها...
6.4- منسقو المواد الدراسية: يعتبر منسقو المواد صلة وصل بين الإدارة و الأساتذة فيما يخص تسلم مختلف المواد التعليمية الضرورية لإنجاز الدروس و القيام بالتجارب اللازمة ومن هنا يأتي دور المنسقين في المحاسبة المادية فهم مسؤولون عن حسن استعمال هذه المواد و الوسائل وتدبيرها وتوضع رهن إشارتهم بعض الوثائق لضبط هذه العملية منها سجلات وبطاقات الجرد و عليهم استخدام دفاتر الإعارة لتحديد المسؤوليات في حالة الاتلافات وكذلك هم المكلفون بتجميع الحاجيات من الأساتذة وكذلك القيام بإحصاء سنوي لمختلف التجهيزات و الوسائل المتوفرة وتحرير محاضر وتقارير في حالة وجود إتلافات يتم تسليمها الى الإدارة.
7.4- هيئة الخدمات وباقي الموظفين: يعتبر التقنيون و الاعوان و الكتاب ومختلف الموظفين بالمؤسسات التعليمية مسؤولون كل من موقعه على الحفاظ على ممتلكات المؤسسة و تجهيزاتها و بناياتها ، والسهر على صيانتها وحسن استعمالها ،ولا بد لكل موظف أن توضع رهن إشارته كل الوسائل الضرورية للقيام بالمهام النوطة به داخل المؤسسة التعليمية ونسوق كمثال على ذلك أعوان الداخلية الذين توضع رهن إشارتهم تجهيزات وأواني وأدوات المطبخ وغالبا ما تتعرض هذه الادوات للإستهلاك المفرط وتستنزف بذلك ميزانيات المؤسسات لذلك يتحتم على العاملين السهر على ترشيد استعمالها وصيانتها ضمانا للسير العادي لذه المرافق الحيوية.
5- الوثائق والسجلات المعتمدة لمسك المحاسبة المادية:
لمسك المحاسبة المادية بالمؤسسات التعليمية ،نصت مختلف النصوص المنظمة لها على ضرورة اعتماد العديد من الوثائق و السجلات الأساسية ،لتحقيق الأهداف المشار إليها وسنأتي على ذكر أهم هذه الوثائق و السجلات دون وصفها نظرا لأنها معروفة ويجري العمل بها :
- سندات الطلب
- سندات التسليم
- سندات التحمل
- تقارير ومحاضر الاتلافات
- بطاقات المزودين
- بطاقات الجرد
- سجلات الجرد
- سجلات المحاسبة المادية للخارجية
- سجل الخزين للداخلية
- دفتر الخازن
- دفتر الاستهلال اليومي للداخلية .....
6- أسباب عدم الاهتمام بالمحاسبة المادية
رغم عدم إلغاء النصوص ، في ظل النظام الأكاديمي فإن العديد من المسيرين تخلوا عن العمل بها
واكتفى العديد منهم بتسجيل التجهيزات و الأدوات و التجهيزات غير القابلة للاستهلاك في سجلات الجرد وبقي ترشيد استعمالها يشوبه عدم الضبط كما أن المواد القابلة للاستهلاك لا تخضع في عموميتها لأي محاسبة بمؤسسات التعليم الابتدائي كما تخلى العديد من مسيري المصالح المادية و المالية بالثانوي و الإعدادي عن مسك سجلات المحاسبة المادية الخاصة بالداخلية .
ويرجع السبب في ذلك على الأساس إلى:
- عدم شمولية الإصلاحات و التغييرات التي جاء بها النظام الاكاديمي لمختلف النواحي التي تشكل التدبير الإداري و المالي و المادي لمؤسسات التعليم و التكوين ، و لم تقدم حلول لعدد من الاشكالات التي أفرزها الانتقال من النظام القديم الى النظام الجديد مما ترك فراغا كبيرا حمل تأويلات متعددة أستغلها بعض المسيرين للتخلي عن العمل ببعض السجلات منها سجلات المحاسبة المادية.
- كون مدبري المؤسسات الابتدائية يجهلون في أغلبهم القواعد الخاصة بالمحاسبة المادية وجهلهم بالنصوص الصادرة في هذا الشأن ، وقلة التكوين في مجال التسيير المادي و المالي، إلى جانب عدم وجود مساعدين للقيام بالتسيير المادي و المالي.
7- اقتراحات:
- مراجعة شاملة للتسيير المادي و المالي بالمؤسسات التعليمية وإصدار نصوص تواكب التغييرات التي عرفها قطاع التربية و التكوين.
- التذكير بالنصوص التي تنص على مسك المحاسبة المادية أو إصدار نصوص جديدة.
- توحيد طرق العمل وإصدار سجلات محينة لمسك المحاسبة المادية في جميع مستوياتها .
- تكوين مدبري المؤسسات الابتدائية في مجال التسيير المالي و المادي
- تعيين أطر التسيير المادي و المالي بالمؤسسات الابتدائية
- تكثيف التكوين و التكوين المستمر لفائدة أطر التسيير المادي و المالي .
- تفعيل دور المراقبة في مجال التسيير المادي و المالي
- خاتمة: ليست المحاسبة المادية بالمؤسسات التعليمية محاسبة ثانوية أو محاسبة ملحقة كما يعتقد الكثير من المسيرين بل هي – كما تمت الإشارة إليه أعلاه - مكون أساسي من محاسبة الدولة. وما يوضع رهن إشارة مؤسسات التعليم العمومي من بنايات وممتلكات وتجهيزات وعتاد وأدوات ومواد بغض النظر عن مصدر تمويلها (ميزانية عامة ، ميزانية جهوية، شركاء أو موارد أخرى...) يفترض أن يكون موضوع مسك محاسبة وتتبع ومراقبة لأجل المساهمة في التمكن من وضعيات صحيحة للتسيير ومن معرفة وضعية الممتلكات وحساب أثمان التكلفة وإبراز نتائج السنة المالية والمساعدة على وضع تقديرات موضوعية للحاجيات المستقبلية للقطاع محليا، إقليميا، جهويا ووطنيا. لكن يبقى الوصول إلى هذا الهدف رهين بتوفر مجموعة من الدعامات الأساسية تتعلق بتكوين وتأطير وتأهيل الموارد البشرية وتوفرها بالعدد الكافي وبطرق وأساليب و وثيرة التتبع والمراقبة و بمراجعة و تحيين وتفعيل النصوص المنظمة وتوحيد نماذج الوثائق والتقنيات المعتمدة في مسك هذا النوع من المحاسبة.ولابد في الختام أن نشير إلى بعض الجهود التي تقوم بها السلطة الوصية في هذا المجال خاصة فيما يتعلق بتوظيف أعداد مهمة من الممونين للإشراف على التسيير المادي و المالي للمؤسسات التعليمية وكذلك فتح مسلك مفتشي المصالح المادية و المالية بمركز تكوين مفتشي التعليم ،وهذا لا شك من شأنه أن يدعم آليات التسيير و المراقبة المالية و المادية كما لا يفوتنا أن نشير إلى بعض ما ورد في المذكرة 155 بتاريخ 17 نونبر 2011 بشأن تفعيل أدوار الحياة المدرسية حيث جاء في الفقرة 9.1 حول ممتلكات المؤسسة :
"تقتضي عملية مسك المحاسبة المادية للمؤسسات التعليمية التقيد التام بالتشريعات الجاري بها العمل ويتعين في هذا الصدد:
- الحرص على تفعيل مقتضيات النظام الداخلي ودليل الحياة المدرسية وتطبيق النصوص الصادرة في شأن المحاسبة المادية.
2.4- رئيس المصالح المادية و المالية: عديدة هي النصوص التي تبين دور مسير المصالح المادية و المالية في مسك المحاسبة المادية و المالية فحسب النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية لسنة 2003 يقوم الممونون ...بالتدبير المالي و المادي و المحاسباتي لمؤسسات التعليم....كما أكدت الدورية 2050على أن المسير هو المسؤول عن ضبط المحاسبة المادية وحفظ وتدبير ممتلكات المؤسسة ويسهر على استقبال و حفظ واستعمال و اقتناء المواد و التجهيزات و تحت إشرافه تتم مسؤولية تدبير شؤون الخزانة و الأدوات التعليمية و الآلات والتجهيزات التي يتحملها الناظر و الأساتذة ورؤساء الأشغال و الإداريون الذين سلمت لهم.ونصت المذكرة 85 بدورها على أن مسير المصالح المادية و المالية يجب أن يقوم بمسك محاسبة مادية لجميع المواد القابلة منها للاستهلاك أو غيرها.
3.4- الناظر: يعتبر الناظر من المتدخلين في المحاسبة المادية باعتباره مديرا للدروس ونائبا عن رئيس المؤسسة أثناء غيابه ومن مهامه في هذا الشأن:
- تتبع حالة جميع التجهيزات و الأدوات التي يتم تسلمها من طرف الأساتذة المنسقين.
- استقبال طلبات وحاجيات الأساتذة ومنسقي المواد من أدوات ووسائل الإيضاح و الوسائل التعليمية خاصة بالمختبرات ويبدي رأيه فيها.
- تتبع و مراقبة حالة و نوعية الكتب و المجلات التي تروج داخل المؤسسة...
4.4- رئيس الأشغال: يعتبر المسؤول عن المعامل بالمؤسسات التقنية وتناط به مهمة تدبير التجهيزات و المعدات و الأدوات وضبط وترشيد استعمالها واستهلاكها فضلا عن اقتراح اقتناء وتجديد الحاجيات المتلاشية.وقد نصت المادة 14 من النظام الأساسي لمؤسسات التربية و التكوين 2002 على أن رئيس الأشغال يقوم ب"تنظيم مختلف أجنحة المشاغل و المختبرات وترتيب المعدات و المواد الأولية المستعملة بها وترشيد استغلالها و العمل على صيانتها ...اقتراح اقتناء وتجديد المعدات الخاصة بالتعليم التقني"
5.4- الحراس العامون:
سواء تعلق الامر بالحراس العامون للخارجية أو الداخلية فإنهم يعتبرون من المتدخلين المهمين في المحاسبة المادية بالمؤسسات التعليمية ومن مهامهم في هذا المجال:
- الحفاظ على انضباط التلاميذ وتوعيتهم وترشيدهم الى الاستهلاك الأمثل للماء و الكهرباء و استعمال مرافق المؤسسة و الحفاظ على التجهيزات و الوسائل التي توضع رهن إشارتهم في الدروس التطبيقية و في الداخليات و المطاعم المدرسية ،كما يقوم الحراس العامون بالتحريات لتحديد المتسببين في الاتلافات وتحرير التقارير والمحاضر الخاصة بها...
6.4- منسقو المواد الدراسية: يعتبر منسقو المواد صلة وصل بين الإدارة و الأساتذة فيما يخص تسلم مختلف المواد التعليمية الضرورية لإنجاز الدروس و القيام بالتجارب اللازمة ومن هنا يأتي دور المنسقين في المحاسبة المادية فهم مسؤولون عن حسن استعمال هذه المواد و الوسائل وتدبيرها وتوضع رهن إشارتهم بعض الوثائق لضبط هذه العملية منها سجلات وبطاقات الجرد و عليهم استخدام دفاتر الإعارة لتحديد المسؤوليات في حالة الاتلافات وكذلك هم المكلفون بتجميع الحاجيات من الأساتذة وكذلك القيام بإحصاء سنوي لمختلف التجهيزات و الوسائل المتوفرة وتحرير محاضر وتقارير في حالة وجود إتلافات يتم تسليمها الى الإدارة.
7.4- هيئة الخدمات وباقي الموظفين: يعتبر التقنيون و الاعوان و الكتاب ومختلف الموظفين بالمؤسسات التعليمية مسؤولون كل من موقعه على الحفاظ على ممتلكات المؤسسة و تجهيزاتها و بناياتها ، والسهر على صيانتها وحسن استعمالها ،ولا بد لكل موظف أن توضع رهن إشارته كل الوسائل الضرورية للقيام بالمهام النوطة به داخل المؤسسة التعليمية ونسوق كمثال على ذلك أعوان الداخلية الذين توضع رهن إشارتهم تجهيزات وأواني وأدوات المطبخ وغالبا ما تتعرض هذه الادوات للإستهلاك المفرط وتستنزف بذلك ميزانيات المؤسسات لذلك يتحتم على العاملين السهر على ترشيد استعمالها وصيانتها ضمانا للسير العادي لذه المرافق الحيوية.
5- الوثائق والسجلات المعتمدة لمسك المحاسبة المادية:
لمسك المحاسبة المادية بالمؤسسات التعليمية ،نصت مختلف النصوص المنظمة لها على ضرورة اعتماد العديد من الوثائق و السجلات الأساسية ،لتحقيق الأهداف المشار إليها وسنأتي على ذكر أهم هذه الوثائق و السجلات دون وصفها نظرا لأنها معروفة ويجري العمل بها :
- سندات الطلب
- سندات التسليم
- سندات التحمل
- تقارير ومحاضر الاتلافات
- بطاقات المزودين
- بطاقات الجرد
- سجلات الجرد
- سجلات المحاسبة المادية للخارجية
- سجل الخزين للداخلية
- دفتر الخازن
- دفتر الاستهلال اليومي للداخلية .....
6- أسباب عدم الاهتمام بالمحاسبة المادية
رغم عدم إلغاء النصوص ، في ظل النظام الأكاديمي فإن العديد من المسيرين تخلوا عن العمل بها
واكتفى العديد منهم بتسجيل التجهيزات و الأدوات و التجهيزات غير القابلة للاستهلاك في سجلات الجرد وبقي ترشيد استعمالها يشوبه عدم الضبط كما أن المواد القابلة للاستهلاك لا تخضع في عموميتها لأي محاسبة بمؤسسات التعليم الابتدائي كما تخلى العديد من مسيري المصالح المادية و المالية بالثانوي و الإعدادي عن مسك سجلات المحاسبة المادية الخاصة بالداخلية .
ويرجع السبب في ذلك على الأساس إلى:
- عدم شمولية الإصلاحات و التغييرات التي جاء بها النظام الاكاديمي لمختلف النواحي التي تشكل التدبير الإداري و المالي و المادي لمؤسسات التعليم و التكوين ، و لم تقدم حلول لعدد من الاشكالات التي أفرزها الانتقال من النظام القديم الى النظام الجديد مما ترك فراغا كبيرا حمل تأويلات متعددة أستغلها بعض المسيرين للتخلي عن العمل ببعض السجلات منها سجلات المحاسبة المادية.
- كون مدبري المؤسسات الابتدائية يجهلون في أغلبهم القواعد الخاصة بالمحاسبة المادية وجهلهم بالنصوص الصادرة في هذا الشأن ، وقلة التكوين في مجال التسيير المادي و المالي، إلى جانب عدم وجود مساعدين للقيام بالتسيير المادي و المالي.
7- اقتراحات:
- مراجعة شاملة للتسيير المادي و المالي بالمؤسسات التعليمية وإصدار نصوص تواكب التغييرات التي عرفها قطاع التربية و التكوين.
- التذكير بالنصوص التي تنص على مسك المحاسبة المادية أو إصدار نصوص جديدة.
- توحيد طرق العمل وإصدار سجلات محينة لمسك المحاسبة المادية في جميع مستوياتها .
- تكوين مدبري المؤسسات الابتدائية في مجال التسيير المالي و المادي
- تعيين أطر التسيير المادي و المالي بالمؤسسات الابتدائية
- تكثيف التكوين و التكوين المستمر لفائدة أطر التسيير المادي و المالي .
- تفعيل دور المراقبة في مجال التسيير المادي و المالي
- خاتمة: ليست المحاسبة المادية بالمؤسسات التعليمية محاسبة ثانوية أو محاسبة ملحقة كما يعتقد الكثير من المسيرين بل هي – كما تمت الإشارة إليه أعلاه - مكون أساسي من محاسبة الدولة. وما يوضع رهن إشارة مؤسسات التعليم العمومي من بنايات وممتلكات وتجهيزات وعتاد وأدوات ومواد بغض النظر عن مصدر تمويلها (ميزانية عامة ، ميزانية جهوية، شركاء أو موارد أخرى...) يفترض أن يكون موضوع مسك محاسبة وتتبع ومراقبة لأجل المساهمة في التمكن من وضعيات صحيحة للتسيير ومن معرفة وضعية الممتلكات وحساب أثمان التكلفة وإبراز نتائج السنة المالية والمساعدة على وضع تقديرات موضوعية للحاجيات المستقبلية للقطاع محليا، إقليميا، جهويا ووطنيا. لكن يبقى الوصول إلى هذا الهدف رهين بتوفر مجموعة من الدعامات الأساسية تتعلق بتكوين وتأطير وتأهيل الموارد البشرية وتوفرها بالعدد الكافي وبطرق وأساليب و وثيرة التتبع والمراقبة و بمراجعة و تحيين وتفعيل النصوص المنظمة وتوحيد نماذج الوثائق والتقنيات المعتمدة في مسك هذا النوع من المحاسبة.ولابد في الختام أن نشير إلى بعض الجهود التي تقوم بها السلطة الوصية في هذا المجال خاصة فيما يتعلق بتوظيف أعداد مهمة من الممونين للإشراف على التسيير المادي و المالي للمؤسسات التعليمية وكذلك فتح مسلك مفتشي المصالح المادية و المالية بمركز تكوين مفتشي التعليم ،وهذا لا شك من شأنه أن يدعم آليات التسيير و المراقبة المالية و المادية كما لا يفوتنا أن نشير إلى بعض ما ورد في المذكرة 155 بتاريخ 17 نونبر 2011 بشأن تفعيل أدوار الحياة المدرسية حيث جاء في الفقرة 9.1 حول ممتلكات المؤسسة :
"تقتضي عملية مسك المحاسبة المادية للمؤسسات التعليمية التقيد التام بالتشريعات الجاري بها العمل ويتعين في هذا الصدد:
- ضبط مختلف سجلات الجرد و الممتلكات الخاصة بالأثاث و العتاد المدرسي و المكتبي بالمكتبة المدرسية و المخابر العلمية و المشاغل التقنية وأدوات وتجهيزات التربية البدنية و الرياضة المدرسية و التجهيزات المعلوماتية وتجهيزات المطاعم و الأقسام الداخلية وغير ذلك.
- مطابقة أرقام السجلات الخاصة مع السجل العام للمؤسسة كما تقتضي العملية كذلك التحقق من التجهيزات المسلمة للمؤسسة ومدى تطابق مواصفاتها مع ما هو مدون في دفاتر التحملات وسندات الطلب.
- تسجيل أرقام الجرد على هذه التجهيزات وعدم تسليمها للمرفق التربوي الموجهة إليه إلا بعد التأكد من تسجيلها في سجل الجرد الخاص بهذا المرفق ومقابل شهادة الاستلام.
- السهر بانتظام على تحيين مختلف السجلات عند نهاية كل سنة دراسية.
- الحرص على الصيانة المنتظمة للتجهيزات و العمل على إصلاحها في الوقت المناسب.
- تتبع وثيرة استعمال التجهيزات و الوسائل التعليمية بواسطة بطاقات معدة لذلك.
- العمل على التخلص من الاداوات و التجهيزات المتلاشية وفقا للمساطر المعمول بها في هذا الصدد، مع الحرص على الاحتفاظ في فضاء خاص، بكل ما يمكن أن يشكل ذاكرة المؤسسة ويساعد على تأثيث متحف تربوي خاص بها."